بغرض توفيق رأسين في الحلال يقع الكثير من المحيطين بالعريس المتقدم أو العروسة في خطأ يُرتكب بحسن نية، فعندما يتم السؤال عن شاب أو فتاة لغرض الزواج، يتطوع الكثير منهم بسرد أبيات من الشعر عن دماثة أخلاقه وحسن آدابه وعراقة أصله! وبعد الزواج يظهر لكل طرف نقيض ما قيل عنه، وتبدو لهم الأمور كما لو كانوا في مسرحية هزلية كتب السيناريو الخاص بها المحيطون بهم.
¤ تزييف الواقع:
تقول مريم ابراهيم : عندما جاء خطيبي للتقدم لي، سألنا عليه وشكر الجميع في أخلاقه وأنه شخص خجول وليس له خلطة بأحد، إلا إنني فوجئت بعد كتب الكتاب الذي جاء بعد الخطوبة بفترة قصير أنه يعاني من مرض نفسي يشبه الصرع، وأنا الآن في حيرة من أمري بين فسخ الزيجة وأن أحمل لقب مطلقة، وبين أن أتحامل على نفسي وأتم الزيجة.
وتقول ب. ط: أحمد الله أنني لم أدخل في الخية فقد تمت فركشت زواجي قبل الزفاف بأيام بسبب حماتي التي أصرت على فرض شخصيتها في كل صغيرة وكبيرة، على الرغم من أننا عندما سألنا عنها في بداية الخطوبة قيل عنها أنها تترك لأولادها القرار وتبتعد عن فرض أي رأي خاص بها، الحمد لله أنني لم أدخل في عراك مع هذه الحماة التي كان يعلم جيرانها أنها الآمر الناهي في البيت، وأنها السبب في مشاكل أولادها مع زوجاتهم والتي وصلت للطلاق، ولكنهم زيفوا الحقيقة.
¤ ليس ســـترًا:
وحول هذا الأمر يقول الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر، أن الأصل في التعاملات الصدق، يقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً*يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً} [الأحزاب:70-71]، ومن ثم فإنه يجب أن تقوم تعاملات الناس على الصدق، ولابد أن يكون كلام الناس مطابقًا للواقع والتعامل، فإذا ما سئل الناس عن فتاة أو شاب لغرض الزواج عليهم أن يقولوا ماهو بالفعل غير محملين الكلام ماليس فيه، فيجب أن تقال والمواصفات بكل أمانة ودقة وإلا كان هذا غشًا، قال صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا».
ويضيف البدري أنه لايجوز شرعا أن تُزوَّر المعلومات التي تقال عن الخاطب أو المخطوبة، وإلا بني هذا الزواج على الكذب والزور والغش، وتكون النتيجة زواجا فاشلا على عكس ما كان يسعى الناس إليه.
وعن مبرر بعض الناس في الكذب في بعض الصفات من قبيل ستر العيوب يقول عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية إن الستر في العلاقات العامة أمر غير جائز شرعا، والستر يكون في حالة إرتكاب الإنسان لمعصية تاب عنها، ولكن لايصح هذا في حالات الزواج، فلايجوز أن يكون الخاطب ممن يأكلون الحرام أو يقعون في الزنا أو غير ذلك ونستر عليه فتكون النتيجة أسوء مما نتوقع.
{وأقيموا الشهادة}:
ويرى الدكتور محمد المختار المهدي أستاذ الدراسات العليا بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بجامعة الأزهر في مصر وعضو مجمع البحوث الإسلامية، أن هذا الأمر من قبيل الشهادة يقول الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [الطلاق:2]، وفي موضع آخر يقول سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} [الفرقان:72].
فيجب على الإنسان ألا يكذب عندما يُسأل عن الشهادة خاصة إذا تعلقت هذه الشهادة بإقامة أسرة ونجاحها، فلا يتحمل الإنسان مسئولية الكذب عن الزوج أو الزوجة وما يترتب على تلك الشهادة.
ويوضح أستاذ الدراسات العليا بكلية الدراسات الإسلامية أن هناك فرق بين العيوب والثغرات التي توجد في كل إنسان، وبين العيوب التي يستحيل معها العشرة، مثل: الكسب الحرام، الإدمان، الإعتياد على الزنا، فهذه أشياء لايصح التستر عليها وحين يُسأل عن شخص فيه هذه الأشياء من الأفضل أن يقال أنه شخص غير متوافق معكم وليس كفئًا لكم، والأصح أن يترك هذا الموضوع حتى نبتعد عن الدخول في الغيبة.
¤ ضـرر أكــبر:
ويرى الدكتور رشاد عبد اللطيف أستاذ تنظيم المجتمع، والعميد الأسبق لكلية الخدمة الإجتماعية بجامعة حلوان، أن ما يقوم به البعض من محاولة إخفاء الهوية الصحيحة للشخصية التي يسأل عليها هي سلوكيات خاطئة إعتدنا عليها بحكم عاداتنا وتقاليدنا وموروثاتنا الإجتماعية التي تحاول الحفاظ على العريس المتقدم بأي شكل من الأشكال لإتمام الزواج.
ويضيف أستاذ تنظيم المجتمع أن هذا الأمر يترتب عليه مشاكل كثيرة قد تؤدي إلى كوارث لامفر منها في المستقبل حين تنكشف شخصية كل طرف للآخر، وتستحيل العشرة بينهما.
ويرى د.عبد اللطيف أنه من الواجب على الأسر أن تقول الهوية الصحيحة للشخصية دون تحريف بأسلوب الإشارات والتلميحات، فهذا خير من أن تضر بأشخاص آخرين، وتوقعهم في يد من لايقدرهم ويعاملهم على نحو لا يجب، مضيفا أن الأمانة تقتضي أن نقول أن من الأسر من تقول الحق ولاتخشى في الله لومة لائم.
الكاتب: بدرية طه.
المصدر: موقع رسالة المرأة.